من سوق الظل إلى السوق الرئيسي: كيف أصبح تطبيق التلغرام المنصة المفضلة للمجرمين

من سوق الظل إلى السوق الرئيسي: كيف أصبح تطبيق التلغرام المنصة المفضلة للمجرمين


في عالم متسارع التغير، حيث تتطور التكنولوجيا بوتيرة متسارعة، ظهرت فرص جديدة للجريمة السيبرانية. وفي طليعة هذه التطورات، برز تطبيق التلغرام كملاذ آمن للمجرمين، حيث أصبح المنصة المفضلة لبيع كل شيء، بدءًا من البيانات المسروقة والأسلحة وصولاً إلى المخدرات والمواد الإباحية للأطفال.


لقد أثار اعتقال مؤسس تطبيق التلغرام، بافل دوروف، في فرنسا الشهر الماضي، اهتمامًا جديدًا حول كيفية استخدام عصابات الأطفال المعتدين جنسياً وسارقي الهويات والمتاجرين بالمخدرات للتطبيق كواجهة للبيع. وقد تم اتهام دوروف بالتواطؤ في توزيع مواد إباحية لأطفال ومخدرات وبرامج اختراق على التطبيق، الذي يقال إنه يضم ما يقرب من مليار مستخدم. كما تم اتهامه أيضًا بعدم التعاون مع التحقيقات في الأنشطة الإجرامية على التلغرام.


لقد كان التلغرام، الذي يجمع بين شبكة التواصل الاجتماعي وتطبيق الرسائل، سهل الاستخدام حيث يكفي فقط رقم هاتف لفتح حساب. كما يدعي التطبيق أنه لم يسبق له الكشف عن بيانات المستخدمين لأي طرف ثالث. ونظرًا لموقعه في دبي، فقد اتبع التلغرام نهجًا متساهلاً في الرقابة على المحتوى.


قبل صعود التلغرام، كان المجرمون يتجمعون عادةً في مناطق من الإنترنت تُعرف باسم "الإنترنت المظلم". هذه المواقع غير مدرجة في محركات البحث والوصول إليها يتطلب برامج خاصة لإخفاء هويات المستخدمين. وكان موقع "سيلك رود" السوق السوداء عبر الإنترنت المعروف على نطاق واسع مثالاً على هذا النوع من المواقع.


ومع ذلك، كانت مواقع سوق الإنترنت المظلم بطيئة وواجهات المستخدم فيها غير مريحة، بالإضافة إلى أنها عُرضة لعمليات إغلاق من قبل السلطات. في المقابل، يتميز التلغرام بالسرعة والوظائف الفعالة، مما يجعله سهل الاستخدام لشراء وبيع البضائع مباشرة على التطبيق.


وقد عزّز هذا الاستخدام الواسع للتلغرام أنواعًا معينة من الأنشطة الإجرامية المزعومة، وخاصة بيع البيانات الشخصية المسروقة والمواد الإباحية للأطفال، وفقًا للباحثين في مجال الجرائم السيبرانية وسجلات الدردشة.


على سبيل المثال، وجدت دراسة دولية غير ربحية أن التلغرام هو التطبيق الأكثر استخدامًا بين المجرمين لعرض ومشاركة محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال. ويقول خبراء مكافحة الجرائم السيبرانية إن التلغرام يمثل "الجيل التالي" بعد أن مكّن الإنترنت المجرمين من التجمع عبر الإنترنت.


وفي هذا السياق، يشير إيفان كوهلمان، مؤسس شركة Cloudburst Technologies التي تراقب الجرائم السيبرانية على التلغرام وغيرها، إلى أن "هذا هو المكان الأساسي لكل نشاط إجرامي يمكنك التفكير فيه".


ويستخدم سارقو الهويات وشبكات الاعتداء على الأطفال والمتاجرون بالمخدرات التلغرام كواجهة لبيع بضائعهم. فقد وجدت إليزابيت بالك، وهي مصففة شعر فنلندية في الـ21 من عمرها، أن صورتها الشخصية وصورة بطاقة هويتها الوطنية كانتا معروضتين للبيع على قناة تلغرام تُدعى "Dock Services" كجزء من حزمة هويات فنلندية متاحة للبيع بـ8 دولارات للواحدة.


وقد تم استخدام صورة بالك في فيديو مزيف باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، مما قد يخدع عمليات التحقق عبر الإنترنت لدى البنوك وتمكين النصابين من الاقتراض أو غسل الأموال باسمها.


وفي أعقاب ذلك، ظهرت صور بالك في مكان آخر، بما في ذلك مجموعة تلغرام أخرى تُدعى "The Dragon Boi"، حيث تفاخر المالك بأنهم يكسبون الكثير من المال من عمليات احتيال الهوية، بما في ذلك شراء سيارة مرسيدس-بنز وساعة رولكس.


وعلى الرغم من تقديم بالك بلاغًا إلى الشرطة بشأن سرقة هويتها، إلا أن التحقيق تم تعليقه بسبب عدم تمكن الشرطة من تحديد الجناة. وبدون أي إجراءات لإزالة صورها، لا تزال بالك قلقة من أن المجرمين على التلغرام "يبيعون بياناتي مرارًا وتكرارًا".


وليست حالة بالك سوى مثال واحد على الكم الهائل من البيانات الشخصية المسروقة التي تجري تداولها على التلغرام. ففي الواقع، هناك آلاف القنوات والمجموعات على التطبيق التي تعرض هويات مسروقة يمكن استخدامها لفتح حسابات مصرفية واستثمارية.


على سبيل المثال، كان هناك قناة تُدعى "Bank Store Online" تعرض حسابات في أكثر من 60 بنكًا وبورصة للعملات المشفرة للبيع، بأسعار تتراوح من 80 دولارًا للحساب الشخصي إلى 1800 دولار للحساب التجاري. وكانت المدفوعات تُشحن بالعملات المشفرة.


وفي روسيا، حيث أطلق دوروف التلغرام في عام 2013، أصبح التطبيق المنصة المفضلة لوسطاء الصفقات التي تتجاوز العقوبات الأمريكية، مثل تهريب قطع غيار الأسلحة.


وتُستخدم مجموعات عديدة على التلغرام لإعلان بيع طائرات بدون طيار وأجهزة Starlink - وهي هوائيات صغيرة للوصول إلى شبكة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي تديرها شركة SpaceX التابعة لإيلون ماسك - إلى وحدات القتال الروسية في أوكرانيا. وفي فبراير الماضي، غرّد ماسك أنه لا توجد أدلة على بيع Starlink مباشرة أو بشكل غير مباشر إلى روسيا على حد علم الشركة.


وتشير هذه الأمثلة إلى أن التلغرام قد أصبح المنصة المفضلة للأنشطة الإجرامية المختلفة، من بيع البيانات المسروقة والمواد الإباحية للأطفال إلى تهريب الأسلحة والالتفاف على العقوبات.


ويقول دان سكستون، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Internet Watch Foundation البريطانية، المعنية بخط المساعدة الساخن لإساءة استخدام الأطفال عبر الإنترنت: "إنه الجيل التالي" بعد أن مكّن الإنترنت المجرمين من التجمع عبر الإنترنت.


وعلى عكس شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى مثل ميتا وسناب شات، لا يقوم التلغرام بالإبلاغ عن صور الاعتداء الجنسي على الأطفال إلى المؤسسات المعنية بذلك في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفقًا لهذه المنظمات.


وقد حاولت مؤسسة Internet Watch Foundation مناقشة هذه المشكلة مع التلغرام، وحثّت الشركة على الانضمام إلى المؤسسة، مما سيتيح لها الوصول إلى قاعدة بيانات ضخمة من صور الاعتداء الجنسي على الأطفال للمساعدة في منع المجرمين من مشاركتها مرة أخرى. ولكن، كما يقول سكستون: "لم نحقق أي نجاح".


وفي مواجهة هذه التحديات، يقول مايك رافدونيكاس، الرئيس التشغيلي للتلغرام، إن النمو الهائل في عدد المستخدمين تسبب في "آلام النمو" في إدارة المحتوى، والتي يتم معالجتها. وأضاف أن التلغرام لم يُصمم للمجرمين، بل للغالبية العظمى من المستخدمين القانونيين.


وأوضح رافدونيكاس أن مشرفي التلغرام يزيلون ملايين المنشورات الضارة يوميًا، وأن الشركة تكافح بنشاط المحتوى غير القانوني، بما في ذلك بيع البيانات الشخصية والمواد الإباحية للأطفال.


ومع ذلك، لا يزال التلغرام يواجه تحديات كبيرة في هذا الصدد. ففي أواخر أغسطس، كان قسم موقع الويب الخاص بالتلغرام عن الإبلاغ عن المحتوى غير القانوني ينص على أن المجموعات الخاصة هي "خاصة" وأن التلغرام لن "يعالج أي طلبات متعلقة بها". وقال رافدونيكاس إن المشرفين لا يستطيعون فحص المحادثات الخاصة في المجموعات التي قد تضم ما يصل إلى 200,000 عضو، ولكن يمكن للمستخدمين الإبلاغ عن المحتوى الذي يتم مشاركته فيها.


وفي حين أن التلغرام قد اتخذ بعض الخطوات لمكافحة المحتوى غير القانوني، إلا أن الخبراء والمنظمات المعنية بحماية الأطفال يرون أن الشركة لا تفعل ما يكفي. وقد أثار هذا قلقًا متزايدًا من قبل هذه الجهات، مما دفع بعضها إلى اتهام التلغرام بالتواطؤ في الأنشطة الإجرامية على المنصة.


وفي مواجهة هذه الاتهامات، قال دوروف يوم الخميس إن التلغرام "ليس مثاليًا"، لكنه ليس أيضًا "نوع من الجنة الفوضوية". وأضاف أن التلغرام كان مفتوحًا دائمًا للحوار مع الجهات التنظيمية.


ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه التلغرام هو كيفية التعامل مع النمو الهائل في عدد المستخدمين وما ينتج عنه من محتوى إجرامي متزايد على المنصة. فعلى الرغم من جهود الشركة في مكافحة هذا المحتوى، إلا أنها لم تنجح بعد في السيطرة عليه بشكل فعال.


فالتلغرام قد شهد زيادة كبيرة في عدد المستخدمين في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى ظهور تحديات جديدة في إدارة المحتوى على المنصة. وقد اعترف الرئيس التشغيلي للتلغرام، مايك رافدونيكاس، بهذه المشكلة، مشيرًا إلى "آلام النمو" في إدارة المحتوى التي تواجهها الشركة.


ويرى الخبراء أن هذا النمو الهائل في عدد المستخدمين قد أدى إلى زيادة كبيرة في المحتوى الإجرامي على التلغرام. فالتطبيق أصبح المنصة المفضلة للأنشطة الإجرامية المختلفة بسبب ميزاته التقنية والتشغيلية التي تجعله سهل الاستخدام بالنسبة للمجرمين.


فالتلغرام سريع وفعال، مما يجعله مناسبًا لعمليات الشراء والبيع المباشرة، على عكس مواقع سوق الإنترنت المظلم البطيئة والمعقدة. وهذا ما أدى إلى تحول المنصة من مجرد أداة للتواصل الاجتماعي إلى سوق رئيسي للأنشطة الإجرامية.


ويشمل هذا المحتوى الإجرامي على التلغرام بيع البيانات الشخصية المسروقة والمواد الإباحية للأطفال والأسلحة والمخدرات. وقد أدى هذا الاستخدام المتزايد للتطبيق من قبل المجرمين إلى تزايد الاهتمام والقلق بشأن دور التلغرام في تسهيل هذه الأنشطة.


وعلى الرغم من جهود التلغرام في مكافحة هذا المحتوى، إلا أنها لم تنجح بعد في السيطرة عليه بشكل فعال. فالتطبيق لا يزال يواجه تحديات كبيرة في هذا الصدد، كما أشار إليه رافدونيكاس في تصريحاته.


فعلى سبيل المثال، كان هناك قسم على موقع الويب الخاص بالتلغرام في أواخر أغسطس ينص على أن المجموعات الخاصة هي "خاصة" وأن التلغرام لن "يعالج أي طلبات متعلقة بها". وهذا يعني أن المشرفين لا يستطيعون فحص المحادثات الخاصة في هذه المجموعات التي قد تضم ما يصل إلى 200,000 عضو.


ومع ذلك، قال رافدونيكاس إنه يمكن للمستخدمين الإبلاغ عن المحتوى الذي يتم مشاركته في هذه المجموعات الخاصة. ولكن هذا الاعتماد على الإبلاغ من المستخدمين قد لا يكون كافيًا لمواجهة المحتوى الإجرامي المتزايد على التلغرام.


وقد أثار هذا القلق المتزايد من قبل المنظمات المعنية بحماية الأطفال والسلطات التنظيمية. فعلى سبيل المثال، قالت مؤسسة Internet Watch Foundation البريطانية إنها لم تحقق أي نجاح في محاولاتها لمناقشة هذه المشكلة مع التلغرام.


وفي مواجهة هذه الاتهامات، حاول دوروف الدفاع عن التلغرام، قائلاً إنه "ليس مثاليًا"، لكنه ليس أيضًا "نوع من الجنة الفوضوية". وأضاف أن التلغرام كان مفتوحًا دائمًا للحوار مع الجهات التنظيمية.


ولكن بالنظر إلى الأدلة المتزايدة على استخدام التلغرام من قبل المجرمين، فإن هذه التصريحات قد لا تكون كافية لإقناع الجهات المعنية بأن الشركة تتعامل بجدية مع هذه المشكلة.


فالتحدي الأكبر الذي يواجه التلغرام هو كيفية التعامل مع هذا النمو الهائل في عدد المستخدمين وما ينتج عنه من محتوى إجرامي متزايد على المنصة. وإذا لم تتمكن الشركة من إيجاد حل فعال لهذه المشكلة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط والانتقادات من الجهات المعنية والسلطات التنظيمية.


ويتطلب ذلك من التلغرام اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وفعالية لمكافحة المحتوى الإجرامي على منصتها. وقد يشمل ذلك تعزيز أنظمة الرقابة والمراقبة، والتعاون بشكل أكبر مع المنظمات المعنية بحماية الأطفال والسلطات التنظيمية.


كما قد يتطلب الأمر إجراء تغييرات في سياسات التلغرام وممارساته التشغيلية لجعل المنصة أقل جاذبية للمجرمين. وهذا قد يشمل تقييد الخصوصية في المجموعات الخاصة أو فرض قيود أكثر صرامة على إنشاء الحسابات والتحقق منها.


في النهاية، إذا لم تتمكن التلغرام من إيجاد حل فعال لهذه المشكلة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط والانتقادات من الجهات المعنية والسلطات التنظيمية. وهذا قد يؤثر بشكل كبير على سمعة التلغرام وقبوله كمنصة للتواصل الاجتماعي والرسائل.

إرسال تعليق

0 تعليقات